"رَحْمَةً وَحُكْمًا أُغَنِّي.
لَكَ يَا رَبُّ أُرَنِّمُ .": هلليلويا
(مز 101 : 1)
+
يقول المرنم "رَحْمَةً وَحُكْمًا أُغَنِّي. لَكَ يَا رَبُّ أُرَنِّمُ"
[1]؛ القديس يعقوب فى رسالته "لأَنَّ الْحُكْمَ هُوَ بِلاَ رَحْمَةٍ لِمَنْ
لَمْ يَعْمَلْ رَحْمَةً، وَالرَّحْمَةُ تَفْتَخِرُ عَلَى الْحُكْمِ."
(يع 2 : 13 )؛ والرحمة والدينونة هما صفتان لا يفترقان فى الله الازلى ولكن الله
الديان العادل قال لحزقيال النبى: "قُلْ لَهُمْ: حَيٌّ أَنَا، يَقُولُ
السَّيِّدُ الرَّبُّ، إِنِّي لاَ أُسَرُّ بِمَوْتِ الشِّرِّيرِ، بَلْ بِأَنْ يَرْجعَ
الشِّرِّيرُ عَنْ طَرِيقِهِ وَيَحْيَا. اِرْجِعُوا، ارْجِعُوا عَنْ طُرُقِكُمُ
الرَّدِيئَةِ! فَلِمَاذَا تَمُوتُونَ....؟."( حز33 : 11 )؛ و " لأَنَّ أُجْرَةَ
الْخَطِيَّةِ هِيَ مَوْتٌ، وَأَمَّا هِبَةُ اللهِ فَهِيَ حَيَاةٌ أَبَدِيَّةٌ
بِالْمَسِيحِ يَسُوعَ رَبِّنَا." ( رو 6 : 23 )؛ سمي الموت الاول او موت الخطية كقول الرب:
" فَقُلْتُ لَكُمْ: إِنَّكُمْ تَمُوتُونَ فِي خَطَايَاكُمْ، لأَنَّكُمْ إِنْ
لَمْ تُؤْمِنُوا أَنِّي أَنَا هُوَ تَمُوتُونَ فِي خَطَايَاكُمْ ."(
يو 8 : 24 ), وسميت المعمودية دفن مع الرب:" مَدْفُونِينَ مَعَهُ فِي
الْمَعْمُودِيَّةِ، الَّتِي فِيهَا أُقِمْتُمْ أَيْضًا مَعَهُ بِإِيمَانِ عَمَلِ
اللهِ، الَّذِي أَقَامَهُ مِنَ الأَمْوَاتِ."
(كو 2 : 12 ) وسميت القيامة مع المسيح القائم اى الحياة والثبات فيه بالبعد عن
الخطيه او محبته بقيامة الرحمة كما قال الرب: " اَلْحَقَّ الْحَقَّ أَقُولُ
لَكُمْ: إِنْ كَانَ أَحَدٌ يَحْفَظُ كَلاَمِي فَلَنْ يَرَى الْمَوْتَ إِلَى
الأَبَدِ." ( يو 8 : 51 )؛ وكما قال بولس الرسول" لِذلِكَ يَقُولُ:
«اسْتَيْقِظْ أَيُّهَا النَّائِمُ وَقُمْ مِنَ الأَمْوَاتِ فَيُضِيءَ لَكَ
الْمَسِيحُ»."(أف 5 : 14 ) فهو ليس فقط موت دائم عن الخطيه بل قيامة دائمة
فى المسيح " أَلَسْتُمْ تَعْلَمُونَ أَنَّ الَّذِي تُقَدِّمُونَ ذَوَاتِكُمْ
لَهُ عَبِيدًا لِلطَّاعَةِ، أَنْتُمْ عَبِيدٌ لِلَّذِي تُطِيعُونَهُ: إِمَّا
لِلْخَطِيَّةِ لِلْمَوْتِ أَوْ لِلطَّاعَةِ لِلْبِرِّ؟" ( رو 6 : 16 – 21 )؛وهكذا
قال يوحنا الحبيب:" نَحْنُ نَعْلَمُ أَنَّنَا قَدِ انْتَقَلْنَا مِنَ الْمَوْتِ
إِلَى الْحَيَاةِ، لأَنَّنَا نُحِبُّ الإِخْوَةَ. مَنْ لاَ يُحِبَّ أَخَاهُ يَبْقَ
فِي الْمَوْتِ." ( 1 يو 3 : 14 )
اى ان قيامة الرحمة – الاولى – هى قيامة
متجددة باستمرار ومستمرة استمرار حياة الانسان: " وَهُمْ غَلَبُوهُ بِدَمِ
الْخَرُوفِ وَبِكَلِمَةِ شَهَادَتِهِمْ، وَلَمْ يُحِبُّوا حَيَاتَهُمْ حَتَّى الْمَوْتِ."
( رؤ12 : 11 )؛ لان عنوانها الرحمة والمغفرة بدم المسيح " لاَ بِأَعْمَال فِي
بِرّ عَمِلْنَاهَا نَحْنُ، بَلْ بِمُقْتَضَى رَحْمَتِهِ خَلَّصَنَا
بِغُسْلِ الْمِيلاَدِ الثَّانِي وَتَجْدِيدِ الرُّوحِ الْقُدُسِ،" ( تي 3 : 5
)؛ ننالها بالتوبه والحياة بالروح اى التجديد المستمر كعمل الروح القدس وكما يقول
بطرس الرسول:" فَإِنَّهُ لأَجْلِ هذَا بُشِّرَ الْمَوْتى أَيْضًا، لِكَيْ
يُدَانُوا حَسَبَ النَّاسِ بِالْجَسَدِ، وَلكِنْ لِيَحْيَوْا حَسَبَ اللهِ
بِالرُّوحِ." ( 1 بط 4 : 6 ).
لهذا يسمى
الموت الجسدى بالموت الثانى وهو الموت الذى يشترك جميع البشر ابرارا و اشرارا فيه "
مُبَارَكٌ وَمُقَدَّسٌ مَنْ لَهُ نَصِيبٌ فِي الْقِيَامَةِ الأُولَى. هؤُلاَءِ
لَيْسَ لِلْمَوْتِ الثَّانِي سُلْطَانٌ عَلَيْهِمْ، بَلْ سَيَكُونُونَ كَهَنَةً
للهِ وَالْمَسِيحِ، وَسَيَمْلِكُونَ مَعَهُ أَلْفَ سَنَةٍ. "( رؤ20 : 6 )؛ والقيامة الثانيه هى بالتالى قيامة الحكم او
الدينونه حيث لايكون بعد موتا ثانيا " وَرَأَيْتُ الأَمْوَاتَ صِغَارًا
وَكِبَارًا وَاقِفِينَ أَمَامَ اللهِ، وَانْفَتَحَتْ أَسْفَارٌ، وَانْفَتَحَ
سِفْرٌ آخَرُ هُوَ سِفْرُ الْحَيَاةِ، وَدِينَ الأَمْوَاتُ مِمَّا هُوَ مَكْتُوبٌ
فِي الأَسْفَارِ بِحَسَبِ أَعْمَالِهِمْ. وَسَلَّمَ الْبَحْرُ الأَمْوَاتَ
الَّذِينَ فِيهِ، وَسَلَّمَ الْمَوْتُ وَالْهَاوِيَةُ الأَمْوَاتَ الَّذِينَ
فِيهِمَا. وَدِينُوا كُلُّ وَاحِدٍ بِحَسَبِ أَعْمَالِهِ. وَطُرِحَ
الْمَوْتُ وَالْهَاوِيَةُ فِي بُحَيْرَةِ النَّارِ. هذَا هُوَ الْمَوْتُ الثَّانِي. وَكُلُّ مَنْ لَمْ يُوجَدْ مَكْتُوبًا فِي سِفْرِ الْحَيَاةِ طُرِحَ
فِي بُحَيْرَةِ النَّارِ." ( رؤ20 : 12 - 15 )؛ وكما قال الرب: " لأَنَّهُ كَمَا أَنَّ الآبَ
يُقِيمُ الأَمْوَاتَ وَيُحْيِي، كَذلِكَ الابْنُ أَيْضًا يُحْيِي مَنْ يَشَاءُ. لأَنَّ الآبَ لاَ
يَدِينُ أَحَدًا، بَلْ قَدْ أَعْطَى كُلَّ الدَّيْنُونَةِ لِلابْنِ،لِكَيْ
يُكْرِمَ الْجَمِيعُ الابْنَ كَمَا يُكْرِمُونَ الآبَ. مَنْ لاَ يُكْرِمُ الابْنَ
لاَ يُكْرِمُ الآبَ الَّذِي أَرْسَلَهُ. اَلْحَقَّ الْحَقَّ أَقُولُ
لَكُمْ: إِنَّ مَنْ يَسْمَعُ كَلاَمِي وَيُؤْمِنُ بِالَّذِي أَرْسَلَنِي فَلَهُ
حَيَاةٌ أَبَدِيَّةٌ، وَلاَ يَأْتِي إِلَى دَيْنُونَةٍ، بَلْ قَدِ انْتَقَلَ مِنَ
الْمَوْتِ إِلَى الْحَيَاةِ. اَلْحَقَّ
الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّهُ تَأْتِي سَاعَةٌ وَهِيَ الآنَ، حِينَ يَسْمَعُ
الأَمْوَاتُ صَوْتَ ابْنِ اللهِ، وَالسَّامِعُونَ يَحْيَوْنَ.
لأَنَّهُ كَمَا
أَنَّ الآبَ لَهُ حَيَاةٌ فِي ذَاتِهِ، كَذلِكَ أَعْطَى الابْنَ أَيْضًا أَنْ
تَكُونَ لَهُ حَيَاةٌ فِي ذَاتِهِ، وَأَعْطَاهُ سُلْطَانًا أَنْ يَدِينَ أَيْضًا،
لأَنَّهُ ابْنُ الإِنْسَانِ. لاَ
تَتَعَجَّبُوا مِنْ هذَا، فَإِنَّهُ تَأْتِي سَاعَةٌ فِيهَا يَسْمَعُ جَمِيعُ
الَّذِينَ فِي الْقُبُورِ صَوْتَهُ، فَيَخْرُجُ الَّذِينَ فَعَلُوا الصَّالِحَاتِ إِلَى قِيَامَةِ
الْحَيَاةِ، وَالَّذِينَ عَمِلُوا السَّيِّئَاتِ إِلَى قِيَامَةِ الدَّيْنُونَةِ." ( يو 5 : 21 – 29 )؛ وايضا "وَيَجْتَمِعُ
أَمَامَهُ جَمِيعُ الشُّعُوبِ، فَيُمَيِّزُ بَعْضَهُمْ مِنْ بَعْضٍ كَمَا
يُمَيِّزُ الرَّاعِي الْخِرَافَ مِنَ الْجِدَاءِ،فَيُقِيمُ الْخِرَافَ عَنْ
يَمِينِهِ وَالْجِدَاءَ عَنِ الْيَسَارِ."( مت 25 : 32 , 33 ).
لذلك فان البعد عن رحمة السيد هو موت وهلاك ابدى" أَقُولُ
لَكُمْ: بَلْ إِنْ لَمْ تَتُوبُوا فَجَمِيعُكُمْ كَذلِكَ تَهْلِكُونَ."( لو 13 : 3 , 5 )؛ لذلك
ترنم داود بالرب "رحمة وحكما" وتفاخر يعقوب الرسول بالرحمة على
الحكم.ولهذا كتب القديس أغسطينوس:
[ يمكننا أن نبلغ إلى القيامة الأولى وهى الآن, لأنه لا
يشترك أحد في هذه القيامة الأولى إلا الذين سينالون الغبطة إلى الأبد. أما في
القيامة الثانية التي يأخذ في الكلام عنها، فسيشترك فيها كما سنرى، جميع الناس،
السعداء والأشقياء أحداهما قيامة الرحمة والأخرى قيامة الحكم، ولهذا كتب في
المزمور: "رحمة وحكما أغنى لك يا رب أرنم" (مز 101 :1).]
+ صلوا لاجلى +