†"أجابهم وقال لا يأتي ملكوت الله بترقب ولا يقولون انه هنا أو هناك. فهوذا ملكوت الله داخلكم."
(الإنجيل من لوقا ص 17: 20-36)
اسئلة ومفاهيم حول الملكوت:
يقول معلمنا القديس بولس الرسول: "وأنا
لما أتيت إليكم أيها الإخوة ، أتيت ليس بسمو الكلام أو الحكمة مُنادياً
لكم بشهادة الله ... وكلامي وكرازتي لم يكونا بكلام الحكمة الإنسانية
المقنع بل ببرهان الروح والقوة ، لكي لا يكون إيمانكم بحكمة الناس بل بقوة
الله.(1كو 2: 1، 4 ، 5)". ولم يتعلم بولس الرسول ذلك من الفلاسفة ولا من
معلمى الناموس ولا من الاحبار وهو كان متبحرا ومتشددا كأيهم بل ترك ذلك كله
وتتلمذ على يد الرب الذى جعله اناءا جديدا صب فيه الروح القدس كل كلمات
النعمة التى بشر بها وهكذا كان التلاميذ والرسل الجهلاء الضعفاء اختارهم
الرب ليخزى الحكماء والاقوياء كما شهد بذلك الروح القدس على لسان بولس
الرسول ايضا"بَلِ اخْتَارَ اللهُ جُهَّالَ الْعَالَمِ لِيُخْزِيَ الْحُكَمَاءَ. وَاخْتَارَ اللهُ ضُعَفَاءَ الْعَالَمِ لِيُخْزِيَ الأَقْوِيَاءَ.
(1 كو 1 :27 )" وبهذا الاتضاع نشروا كلمة الله وملكوت الله فى قلوب
الملايين كما تعلموا ذلك من سيدهم (لو17 :21 ). لكن مازال الفلاسفه واالذين
يبحثون فى الاخرويات وبعض اللاهوتيين مصرين على البحث فى ايات النعمة
بالكتاب المقدس عن الحرف القاتل لا الروح المحيي الذى ينال به الانسان
الخلاص والملكوت وكما قال القديس بطرس عن هؤلاء:" مُتَكَلِّمًا
فِيهَا عَنْ هذِهِ الأُمُورِ، الَّتِي فِيهَا أَشْيَاءُ عَسِرَةُ
الْفَهْمِ، يُحَرِّفُهَا غَيْرُ الْعُلَمَاءِ وَغَيْرُ الثَّابِتِينَ،
كَبَاقِي الْكُتُبِ أَيْضًا، لِهَلاَكِ أَنْفُسِهِمْ.( 2 يط 3 : 16 ),
متنبأ بوجودهم فى وسط كنيسته دائما: "كَمَا سَيَكُونُ فِيكُمْ أَيْضًا
مُعَلِّمُونَ كَذَبَةٌ، الَّذِينَ يَدُسُّونَ بِدَعَ هَلاَكٍ. وَإِذْ هُمْ يُنْكِرُونَ الرَّبَّ الَّذِي اشْتَرَاهُمْ، يَجْلِبُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ هَلاَكًا سَرِيعًا.(2بط 2 : 1 ).
وفى
هذه الاية المختصرة يعلمنا الرب ان ملكوت الله داخلكم" فى وسطكم- فى
ترجمات اخرى" معنى ذلك ان ملكه الابدى الازلى ( قد بدأ فى قلب كنيسته التى
فداها بدمه) – تماما كما هو مكتوب . فكلمة ملكوت لم تذكر فى العهد القديم
كله الا فى المواضع والايات التاليه:
1- فى سفر اخبار الايام الاولى: فى وعد الرب لداود فى قول الوحى الالهى:" هُوَ يَبْنِي لِي بَيْتًا وَأَنَا أُثَبِّتُ كُرْسِيَّهُ إِلَى الأَبَدِ. أَنَا
أَكُونُ لَهُ أَبًا وَهُوَ يَكُونُ لِيَ ابْنًا، وَلاَ أَنْزِعُ رَحْمَتِي
عَنْهُ كَمَا نَزَعْتُهَا عَنِ الَّذِي كَانَ قَبْلَكَ. وَأُقِيمُهُ فِي بَيْتِي وَمَلَكُوتِي إِلَى الأَبَدِ، وَيَكُونُ كُرْسِيُّهُ ثَابِتًا إِلَى الأَبَدِ. فَحَسَبَ جَمِيعِ هذَا الْكَلاَمِ وَحَسَبَ كُلِّ هذِهِ الرُّؤْيَا كَذلِكَ كَلَّمَ نَاثَانُ دَاوُدَ.
( 1 أخ 1 : 12 – 15 ), وبنى سليمان بيتا زمنيا ( معبدا) للرب وحل الرب فى
وسط شعبه وقدس البيت ولكن هدم على يد نبوخذنصر ملك بابل (586 ق.م ) وبنى
زربابل معبدا مكانه (عز 3 و 4 ) واكمله النبيان حجى وزكريا( عز 5 و6 ) الا
"أن هذا الهيكل كانت تنقصه خمسة أشياء: التابوت، والنار المقدسة، وسحابة المجد، والروح القدس، والأوريم،التميم."
كما يذكر ذلك التلمود اليهودى, وايضا تدنس هذا الهيكل وهدمه وبنى اخر
مكانه المكابيين على مراحل ( 150 – 75 ق.م) وهذا ايضا لم يدم طويلا فخربه
بومبى الرومانى وكذلك هبرودس الكبيرالادومى(37 ق.م ) الذى اضطر الى ترميم
الهيكل وتوسيعه لاكتساب رضا اليهود عن حكمه وهو غبر اليهودى ولم يكتمل الا
عام 64 م وكان الرب قد زاره وعلم به وتنبا بخرابه ايضا ( مت 23 :38 , لو 13
: 35 )ومسح كل اثر لهذا الهيكل عام 70 م.
يعنى
ذلك ان هذه النبوة عن الملكوت تخرج عن نطاق التفسير الحرفى وعن نطاق الزمان
والمكان كما يفسره اليهود ليومنا هذا وينتظرون مسيا ارضى يملك عليهم
مكانيا, و كذلك من الطوائف الحديثة ممن يؤمنون بالملك الارضى للمسيح – او
الملك الالفى -!
2- فى سفر حكمة سليمان جاءت هذه الاية" فابتغاء الحكمة يبلغ الى الملكوت" ولنقرا جزء من الاصحاح الذى فيه هذه الايه:
"فان الحكمة ذات بهاء ونضرة لا تذبل ومشاهدتها متيسرة للذين يحبونها ووجدانها سهل على الذين يلتمسونها. فهي تسبق فتتجلى للذين يبتغونها. ومن ابتكر في طلبها لا يتعب لانه يجدها جالسة عند ابوابه. فالتامل فيها كمال الفطنة ومن سهر لاجلها فلا يلبث له هم. لانها تجول في طلب الذين هم اهل لها وتتمثل لهم في الطرق باسمة وتتلقاهم كلما تاملوا فيها. فاولها الخلوص في ابتغاء التاديب.وتطلب التاديب هو المحبة والمحبة حفظ الشرائع ومراعاة الشرائع ثبات الطهارة.والطهارة تقرب الى الله. فابتغاء الحكمة يبلغ الى الملكوت. فان كنتم تلتذون بالعرش والصولجان يا ملوك الشعوب فاكرموا الحكمة لكي تملكوا الى الابد. واحبوا نور الحكمة يا حكام الشعوب.( حك 6 : 13 – 23 ) ". وهنا إقنوم الحكمة :" الْحِكْمَةِ الْمَكْتُومَةِ، الَّتِي سَبَقَ اللهُ فَعَيَّنَهَا قَبْلَ الدُّهُورِ لِمَجْدِنَا، (1 كو 2 :7 ) اى المسيح "الْمُذَّخَرِ فِيهِ جَمِيعُ كُنُوزِ الْحِكْمَةِ وَالْعِلْمِ. ( كو 2 :3 )": يؤكد ان تعاليمة هى الطريق الى الملكوت الابدى. وهو – متاح للجميع بلا تعب وبما فيهم الملوك والرياسات الزمنية !.
3
– ويعود سليمان للمرة الثانية والاخيره فى سفر الحكمة عن عمل الله فى شعبه
والاباء والانبياء فيقول: " هي التي حفظت اول من جبل ابا للعالم لما خلق
وحده. وانقذته من زلته واتته قوة ليتسلط على الجميع..... وهي التي قادت
الصديق الهارب من غضب اخيه في سبل مستقيمة وارته ملكوت الله واتته علم
القديسين وانجحته في اتعابه واكثرت ثمرات اعماله......( حك 10 )" وواضح ان
الصديق الهارب – يعقوب او اسرائيل - ويشير الى رؤيته المعروفة :" وَرَأَى
حُلْمًا، وَإِذَا سُلَّمٌ مَنْصُوبَةٌ عَلَى الأَرْضِ وَرَأْسُهَا يَمَسُّ
السَّمَاءَ، وَهُوَذَا مَلاَئِكَةُ اللهِ صَاعِدَةٌ وَنَازِلَةٌ عَلَيْهَا.
(تك 28 : 12 )"هذا مارآه يعقوب وسماه ملكوت السموات وعلم القديسين –
وبعيدا عن تفاسير الاباء التى نجلها ونقبل كلمات الحق التى فيها فملكوت
الله الذى رآه يعقوب ملكوت سمائى كله ملائكة وقديسين منتقلين وليس ملكوتا
ارضيا كرمز للكنيسة الواحدة الممتده من الارض (المجاهدة) اللى السماء (
المنصره )وراسها اى المسيح فى السماء ايضا.
4-
وبرغم النبوات عن المسيح الكثيره فى كتب الانبياء فى كل العصور المذكورة فى
العهد القديم الا ان كلمة ملكوت الله لم تذكر الا فى نبوات دانيال عن
القيامه والحياة الابديه وفى الايات الاتية:
*فى رسالة نبوخذنصر الى الامم والشعوب: " آيَاتُهُ مَا أَعْظَمَهَا، وَعَجَائِبُهُ مَا أَقْوَاهَا! مَلَكُوتُهُ مَلَكُوتٌ أَبَدِيٌّ وَسُلْطَانُهُ إِلَى دَوْرٍ فَدَوْرٍ..... وَعِنْدَ
انْتِهَاءِ الأَيَّامِ، أَنَا نَبُوخَذْنَصَّرُ، رَفَعْتُ عَيْنَيَّ إِلَى
السَّمَاءِ، فَرَجَعَ إِلَيَّ عَقْلِي، وَبَارَكْتُ الْعَلِيَّ
وَسَبَّحْتُ وَحَمَدْتُ الْحَيَّ إِلَى الأَبَدِ، الَّذِي سُلْطَانُهُ
سُلْطَانٌ أَبَدِيٌّ، وَمَلَكُوتُهُ إِلَى دَوْرٍ فَدَوْرٍ.(دا 4 )" [ قابل : *" اياته ما اعظمها وعجائبه ما اقواها ملكوته ملكوت ابدي وسلطانه الى دور فدور(تتممة دا 1 :100 ).]وهنا ملكوت الله ابدى والى دور فدور اى خارج نطاق الزمان والمكان.
*وهكذا ايضا فى كتاب داريوس بعد نجاة دانيال من جب الاسود: " مِنْ
قِبَلِي صَدَرَ أَمْرٌ بِأَنَّهُ فِي كُلِّ سُلْطَانِ مَمْلَكَتِي
يَرْتَعِدُونَ وَيَخَافُونَ قُدَّامَ إِلهِ دَانِيآلَ، لأَنَّهُ هُوَ
الإِلهُ الْحَيُّ الْقَيُّومُ إِلَى الأَبَدِ، وَمَلَكُوتُهُ لَنْ يَزُولَ
وَسُلْطَانُهُ إِلَى الْمُنْتَهَى.(دا 6 :26 )"
*وفى رؤيا دانيال عن الرب الفادى " فَأُعْطِيَ
سُلْطَانًا وَمَجْدًا وَمَلَكُوتًا لِتَتَعَبَّدَ لَهُ كُلُّ الشُّعُوبِ
وَالأُمَمِ وَالأَلْسِنَةِ. سُلْطَانُهُ سُلْطَانٌ أَبَدِيٌّ مَا لَنْ
يَزُولَ، وَمَلَكُوتُهُ مَا لاَ يَنْقَرِضُ.... وَالْمَمْلَكَةُ وَالسُّلْطَانُ وَعَظَمَةُ الْمَمْلَكَةِ تَحْتَ كُلِّ السَّمَاءِ تُعْطَى لِشَعْبِ قِدِّيسِي الْعَلِيِّ. مَلَكُوتُهُ مَلَكُوتٌ أَبَدِيٌّ، وَجَمِيعُ السَّلاَطِينِ إِيَّاهُ يَعْبُدُونَ وَيُطِيعُونَ.(دا
7 : 14 , 27 ). وهنا اول إشاره لملك قديسى الله فى ملكوت الله تحت السماء
لكن اقترنت بعبادة الله وطاعته وهو ماتم بمجئ الرب الى الارض فى تجسده
وفدائه وهو ماقصده الرب فى قوله "ها ملكوت الله داخلكم " اى بسكن الرب فيكم
فردا فردا وبيتا بيتا لتكونون كنيستة اى كنيسة السماء والارض التى يملك
فيها الى الابد وتملك فيه الى نهاية الازمنة