romany.w.nasralla نائب المدير
عدد المساهمات : 317 تاريخ التسجيل : 29/04/2012 العمر : 79
| موضوع: الرياء والنفاق فى الكتاب المقدس - الجزء الحادى عشر الأحد سبتمبر 09, 2012 12:07 am | |
| الرياء والنفاق فى الكتاب المقدس
ثامنا – أعطى لنا الوحى الالهى فى قصة مُعَامَلَةَ الْجِزْيَةِ أو دينار قيصر والتى كانت فخاً أحكمه الْفَرِّيسِيِّينَ وَالْهِيرُودُسِيِّينَ – برغم إختلاف فكر كل منهم على مستوى الدين والوطن - لاصطياد المسيح , وكان بحق فخ خطير نهايته الحكم على نفسه بنفسه بالموت - او يمفهوم المرائين الحالى أهدار لدمه بنفسه - سواء أقال تعم ام لا أو حتى رفض الاجابة او كانت إجابته مائعة بشتم منها رائحة النفاق لاى طرف (مت 22 : 15 – 22 , مر 12 : 13 – 17 , لو 20 : 15 – 22), ابعادا واسعة من تعاريف ووسائل وغايات الرياء وكيفية مواجهة كل بعد من ابعاده المنظوهر والخفية فيه؛
1- فالرياء بداية هو التامر, ضد الله والناس- فهو خلط ملتوي بين الدين مع السياسة أو بين فكر الله الازلى ومشيئة الانسان العالمى: فهذا الوفد المشترك من الفريسيين والهيرودسيين الذى جاء للرب لتجربة يسوع معا وبسؤال واحد, لم يحدث من قبل ولم يتكرر بعده, فقد تكررت فى الاناجيل جمل مثل: تشاوروا بمكر (مت 12 : 14 , 22 : 15 , 26 : 4 , 27 : 1 , مر 3 : 6 , 15 : 1 , يو 11 : 3), او" يَطْلُبُونَ كَيْفَ يُمْسِكُونَهُ بِمَكْرٍ وَيَقْتُلُونَهُ" ( مر 14 : 1 , 14 : 55 , 19 : 47 , لو 19 : 47 , لو 22 : 2 , يو 5 : 16 , 18 , 7 : 1 , 11 , 25 , 11 : 8 , 56 ), وتأمر فئة منهم او بعضهم او كلهم ضد الرب (لو 20 : 5 , 14), ولكن هنا:
أ – فإن هؤلاء المرائين الذين جاءوا للرب يتظاهرون بالبراءة والبساطة كان ورائهم مؤامرة دنيئة وخبيثة ومكتملة الابعاد حاكتها كل طوائف اليهود بصورة مباشرة او غير مباشرة, لم يكن من جاءوا الا ممثلين - أي مشخصاتية بالبلدى (ِActors): ولم يشخصنوا طوائفهم فقط, بل كانوا ممثلين حقيقيين لفكر التشتت والانقسام والتطاحن الذى ساد اليهود والسامريين والجليليين آنذاك, فقد كان هذا الوفد مشكلا بمعرفة رؤساء الكهنة اى مجمع السنهدريم – وجلهم من الصدوقيين - والكتبة - وجلهم من الفريسسيين – الكارهين لبعضهم اساسا هذا من جاني وللهيرودسيين الذى يحكم فكرهم وتصرفاتهم سياسيا ودينيا ما لا يخالف الامبراطور والحكم الرومانى من جانب آخر, بل ان هناك طائفة اخرى لم تشترك فى هذا الوفد وهم الغيوريين وجلهم من الجليليين الثوار ضد الرومان وحكمهم وحكامهم, وهم أتباع اثائر يهوذا الجليلي ( 7 م ), واولاده واتباعه من بعده، وكان قد سبق ايضا ان أخمدت ثوراتهم واخرها عندما: " خَلَطَ بِيلاَطُسُ دَمَهُمْ بِذَبَائِحِهِمْ" (لو 13 : 1 , 2), وهم في الهيكل (أع7:5), وكان ذلك سببا إضافيا للعداء بين بيلاطس كحاكم لليهودية وبين الملك هيرودس أنتيباس الفاسق - وقاتل يوحنا المعمدان والذي حوكم أمامه المسيح فيما بعد- والذى كان يحكم الجليل آنذاك ( لو 23 : 6 , 7), ومن هنا فهناك جانب ثالث مختفى فى تشكيل هذا الوفد, إذ كان هؤلاء الغيوريين – وبعضهم من الكتبة والفريسيين - يكرهون لا الهيرودسيين فقط بل الكل من غيرهم سياسيا ودينيا, وحتى المسيح برغم انه جليلى الموطن والنشأة, فقد حاولوا قتل المسيح فى بداية خدمته الاولى فى كفر ناحوم: َأَخْرَجُوهُ خَارِجَ الْمَدِينَةِ، وَجَاءُوا بِهِ إِلَى حَافَّةِ الْجَبَلِ الَّذِي كَانَتْ مَدِينَتُهُمْ مَبْنِيَّةً عَلَيْهِ حَتَّى يَطْرَحُوهُ إِلَى أَسْفَلٍ" (لو 4 : 28 – 30)؛
ب - فتشكيل هذا الوفد أساسا هو قمة سلم الرياء الواضح والمكشوف إذ أن الذى شكله اساسا هو مجلس التناقض - مجلس الامة اليهودية كلها - السنهدريم, فى الفكر والوسائل والاهداف فكما قال القديس لوقا: " فَطَلَبَ رُؤَسَاءُ الْكَهَنَةِ وَالْكَتَبَةُ أَنْ يُلْقُوا الأَيَادِيَ عَلَيْهِ فِي تِلْكَ السَّاعَةِ،.... فَرَاقَبُوهُ وَأَرْسَلُوا جَوَاسِيسَ يَتَرَاءَوْنَ أَنَّهُمْ أَبْرَارٌ لِكَيْ يُمْسِكُوهُ بِكَلِمَةٍ، حَتَّى يُسَلِّمُوهُ إِلَى حُكْمِ الْوَالِي وَسُلْطَانِهِ" (لو 20 : 19 , 20), إذ لم يكن تشكيله وليد اللحظة, إنما سبقه تشاور ومراقبة وتجسس من المجمع اليهودى, لسابق معرفتهم بان نتائج المقابلة ستنعكس على كل اليهود فى اليهودية والجليل بل وحتى على السامريين الكارهين لبيلاطس أيضا, قبل ان تنعكس على المسيح والتخلص منه ومن تعاليمه الهادفة لتحرير الانسان من سطوتهم الدينية والسياسية؛ لذلك باإخوتى المسيحية تحرم تحريما قاطعا الجاسوسية بكافة اشكالها الدينية والسياسية وعلى الافراد او المجموعات او الطوائف او الاوطان, ومهما كانت الاسباب, لانها ببسلطة تعبير الكتاب رياء, والرياء: فجور ونجاسة ورجس وتجديف وكفر( مت 24: 51 , رؤ 21 : 8 ), ولسبب بسيط لاننا نحب الله المحبة ونحب الناس جميعا ونسالم الكل قدر طاقتنا ونحب اخوتنا محبتا لانفسنا ونحب وطننا السمائى ووطننا الارضى الذى بارك المسيح ارضه وشعبه ولا نخون ولا نتجسس على او ضد احد, لان الجاسوسية هى استعباد وضد حريتنا التى لنا فى المسيح ولذلك يقول الكتاب: " ْ الإِخْوَةِ الْكَذَبَةِ الْمُدْخَلِينَ خُفْيَةً، الَّذِينَ يدَخَلُون اخْتِلاَسًا لِيَتَجَسَّسُوا حُرِّيَّتَنَا الَّتِي لَنَا فِي الْمَسِيحِ كَيْ يَسْتَعْبِدُونَا, اَلَّذِينَ لَنْ نُذْعِنْ لَهُمْ بِالْخُضُوعِ وَلاَ سَاعَةً، لِيَبْقَى عِنْدَنا حَقُّ الإِنْجِيلِ." ( غل 2 : 4 , 5), فالجاسوسية هى عالم اللانسانية والتوحش والفجور، لا تحكمه قواعد او قوانين او روابط, كل شئ فبه مباح, ووسائله الغش والغدر والسرية والدهاء والمداهنة والخبث والخيانة والنفاق اللا محدود, وكل شر فيه مباح بداية من الكذب وحتى القتل والتدمير, ولذلك ياإحبائى نفتخر بالرب وصليبه وحق انجيله المحرر لنا: " إذ لنا شَهَادَةٌ حَسَنَةٌ مِنَ الَّذِينَ هُمْ مِنْ خَارِجٍ، باننا لم يَسْقُطَ فِي تَعْيِيرٍ وَفَخِّ إِبْلِيسَ منا أحد" ( 1 تى 3 : 7 ), فليس منا على مدار التاريخ من امتهن الجاسوسية والخيانه ولأي سبب سياسيا او دينيا ضد الوطن!, لذلك نقول بملئ الفم للذين من خارج الذين يفتخرون باطلا بتدينهم الكاذب وحكمهم الفاشل ويعج سجل الجاسوسية باسمائهم: " فَلاَ تَفْتَخِرْ عَلَى الأَغْصَانِ. وَإِنِ افْتَخَرْتَ، فَأَنْتَ لَسْتَ تَحْمِلُ الأَصْلَ، بَلِ الأَصْلُ إِيَّاكَ يَحْمِلُ!" ( رو 11 : 18 )؛ إننا الاصل ولذلك: [ فمصر وطن لا نعيش فيه بل يعيش فينا], كما قال سيدنا مثلث الرحمات القديس البابا شنوده الثالث؛ ج – ونحن الان نحيا فى مجتمع الرياء والنفاق الفاضح, فلا تستغربوا من مهاترات الشلل والاحزاب الدينية والسياسية مع بعضهم وانعكاساتها على الشعب المغلوب على امره, فكل منهم يتراءى بريئا بينما يراقب ويتجسس على الاخرين, وبكل خبث ومكر والواقع ان كل جماعة منهم تريد ان تسقط غيرهم وتنهى دورهم او تهمشهم على الاقل, ولتحقيق ذلك لا يراعون اى مثل او قيم او اخلاق او ضمير او قانون او دين او ...الخ, ولذا علينا أن نحتفظ بإستقلال شخصيننا بكل صدق وامانه، وألا نسمح لأحد بإستقطابنا داخل دائرته، وان لا ننغلق على ذاتنا, بل نتروى فى كل فكر وإمر, قبل الانسياق لاي خبث ومكر من هؤلاء المنافقين الذين لا هم لهم الا اكتساحنا بارجلهم فى خضم مؤمراتهم ضد بعضهم وضدنا باسم الدين أو السياسة, لذلك قال الرب فيما بعد لقيافا رئيس الكهنه عند محاكمته وسؤاله عن تعاليمه: " أَنَا كَلَّمْتُ الْعَالَمَ عَلاَنِيَةً. أَنَا عَلَّمْتُ كُلَّ حِينٍ فِي الْمَجْمَعِ وَفِي الْهَيْكَلِ حَيْثُ يَجْتَمِعُ الْيَهُودُ دَائِمًا. وَفِي الْخَفَاءِ لَمْ أَتَكَلَّمْ بِشَيْء!, لِمَاذَا تَسْأَلُنِي أَنَا؟ اِسْأَلِ الَّذِينَ قَدْ سَمِعُوا مَاذَا كَلَّمْتُهُمْ. هُوَذَا هؤُلاَءِ يَعْرِفُونَ مَاذَا قُلْتُ أَنَا" ( يو 18 : 20 ), ففى الواقع هم يتآمرون ضد الله وضد سلام الارض وسلام شعبه وكما قال بولس الرسول: " إِنْ كَانَ أَحَدٌ يُفْسِدُ هَيْكَلَ اللهِ فَسَيُفْسِدُهُ اللهُ، لأَنَّ هَيْكَلَ اللهِ مُقَدَّسٌ الَّذِي أَنْتُمْ هُوَ" ( 1 كو 3 : 17 )؛ وحسنا قال صوفر النعمانى بارشاد الروح القدس:
" إِنْ أَعْدَدْتَ أَنْتَ قَلْبَكَ، وَبَسَطْتَ إِلَيْهِ يَدَيْكَ؛ إِنْ أَبْعَدْتَ الإِثْمَ الَّذِي فِي يَدِكَ، وَلاَ يَسْكُنُ الظُّلْمُ فِي خَيْمَتِكَ؛ حِينَئِذٍ تَرْفَعُ وَجْهَكَ بِلاَ عَيْبٍ، وَتَكُونُ ثَابِتًا وَلاَ تَخَافُ؛ لأَنَّكَ تَنْسَى الْمَشَقَّةَ. كَمِيَاهٍ عَبَرَتْ تَذْكُرُهَا؛ وَفَوْقَ الظَّهِيرَةِ يَقُومُ حَظُّكَ. الظَّلاَمُ يَتَحَوَّلُ صَبَاحًا. وَتَطْمَئِنُّ لأَنَّهُ يُوجَدُ رَجَاءٌ. تَتَجَسَّسُ حَوْلَكَ وَتَضْطَجِعُ آمِنًا؛ وَتَرْبِضُ وَلَيْسَ مَنْ يُزْعِجُ، وَيَتَضَرَّعُ إِلَى وَجْهِكَ كَثِيرُونَ؛ أَمَّا عُيُونُ الأَشْرَارِ فَتَتْلَفُ، وَمَنَاصُهُمْ يَبِيدُ، وَرَجَاؤُهُمْ تَسْلِيمُ النَّفْسِ""؛
(أي 11 : 13 – 20)؛
د - فقد كان هدف هذه المؤامرة او سؤال هذا الوفد عن الجزية هو تهييج الكل على الكل, والكل على المسيح, ففى ظاهرها طلب فتوى صادقة لوجه الله ولا تخالف طرق الله الحقيقية, ولتعليم وإقناع الناس جميعهم بالحق – بسطاء وأحمياء ومتشددين وغيورين - كقولهم: " يَا مُعَلِّمُ، نَعْلَمُ أَنَّكَ صَادِقٌ وَتُعَلِّمُ طَرِيقَ اللهِ بِالْحَقِّ، وَلاَ تُبَالِي بِأَحَدٍ، لأَنَّكَ لاَ تَنْظُرُ إِلَى وُجُوهِ النَّاسِ" (مت 22 : 16), لكن فى باطنها الامساك بالرب بكلمة لاطفاء نوره هو الطريق والحق والحياة التى تسعى لتحرير الناس من عبودية العالم وخلاص الروح, أى كإنها: مجرد فتوى لايضاح رأى فيما هم فيه يختلفون, وهم يعرفون مسبقا إن أى فتوى لن تزيدهم الا إختلافا, لان غاية النفاق فيها الفصل بين الله من جهة وله وحده الهيكل والحكم والحكام وعلى كل الارض, والناس من جهة اخرى, وكما سبق وان أنبأ الوحى الالهى على لسان مرنم اسرائيل الحلو, عن هؤلاء المنافقين, وعن كل الساسة والمتدينيين كذبا مثلهم فى كل زمان ومكان:
" اَلَّلهُمَّ، لاَ تَصْمُتْ. لاَ تَسْكُتْ وَلاَ تَهْدَأْ يَا اَللهُ؛ فَهُوَذَا أَعْدَاؤُكَ يَعِجُّونَ، وَمُبْغِضُوكَ قَدْ رَفَعُوا الرَّأْسَ؛ عَلَى شَعْبِكَ مَكَرُوا مُؤَامَرَةً، وَتَشَاوَرُوا عَلَى أَحْمِيَائِكَ. لأَنَّهُمْ تَآمَرُوا بِالْقَلْبِ مَعًا. عَلَيْكَ تَعَاهَدُوا عَهْدًا؛ الَّذِينَ قَالُوا: «لِنَمْتَلِكْ لأَنْفُسِنَا مَسَاكِنَ اللهِ؛ يَا إِلهِي، اجْعَلْهُمْ مِثْلَ الْجُلِّ، مِثْلَ الْقَشِّ أَمَامَ الرِّيحِ؛ كَنَارٍ تَحْرِقُ الْوَعْرَ، كَلَهِيبٍ يُشْعِلُ الْجِبَالَ؛ هكَذَا اطْرُدْهُمْ بِعَاصِفَتِكَ، وَبِزَوْبَعَتِكَ رَوِّعْهُمِ؛ امْلأْ وُجُوهَهُمْ خِزْيًا، فَيَطْلُبُوا اسْمَكَ يَا رَبُّ؛ لِيَخْزَوْا وَيَرْتَاعُوا إِلَى الأَبَدِ، وَلْيَخْجَلُوا وَيَبِيدُوا؛ وَيَعْلَمُوا أَنَّكَ اسْمُكَ يَهْوَهُ وَحْدَكَ، الْعَلِيُّ عَلَى كُلِّ الأَرْضِ."؛
(مز 83)؛
ه - لذلك لا تستغربوا ولا تجزعوا ولا تخافوا, من فتاوى المرائين ايا من كانوا او من سيكونوا: ممن هم ينسبون انفسهم للمسيح او يتشدقون بتعاليمه كذبا, او الذين من الخارج بكل طوائفهم السياسية – التى تخلط بين السياسه والدين فى اى امر يخص حياة ابناء الله الكنسيه والروحية, فهكذا يدفع الرياء هؤلاء الخبثاء ذوى المظهر الباطل والكرامة الزمنيّة لمقاومة الله الحق فى شعبه ومسكنه وسطهم اى كنيسته، مقدّمين دم ابناء الله الأبرياء البسطاء الذين فيهم الحق ابن الله ولديهم الحق كلمة الله, ثمنًا رخيصًا في أعينهم، ولا تخافوا من فتاوى إهدار دم المطالبين بالحق والصدق تحت ستار الدفاع عن الحكام والاستفرار ولا حتى من يفتون من الداخل والخارج للتحكم فى كنيسة الله وكتابه وتعاليمه الطاهرة, وفى أي امر يخص علاقتنا بالله وبابناء الله الاخرين, وحتى مع الذين من خارج أيضا, فإن حزن العالم والخوف من حكام وفتاوى هؤلاء المرائين وتعاليمهم الفاسدة, ليس حسب تعاليم الله ومشيئته ( 2 كو 7 : 11), بل ناشئ عن محبة العالم التى هى عداوة لله (يع 4 : 4) لذلك قال لنا الرب بلسانه الالهى:؛
" وَأَمَّا أَنْتُمْ فَلاَ تُدْعَوْا سَيِّدِي، لأَنَّ مُعَلِّمَكُمْ وَاحِدٌ الْمَسِيحُ، وَأَنْتُمْ جَمِيعًا إِخْوَةٌ؛ وَلاَ تَدْعُوا لَكُمْ أَبًا عَلَى الأَرْضِ، لأَنَّ أَبَاكُمْ وَاحِدٌ الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ؛ وَلاَ تُدْعَوْا مُعَلِّمِينَ، لأَنَّ مُعَلِّمَكُمْ وَاحِدٌ الْمَسِيحُ؛
( مت 23 : 8 – 10)؛
وهذا ما يقوله لنا الروح القدس عل لسان بولس الرسول:؛
"بَلْ فِي كُلِّ شَيْءٍ نُظْهِرُ أَنْفُسَنَا كَخُدَّامِ اللهِ: فِي صَبْرٍ كَثِيرٍ، فِي شَدَائِدَ، فِي ضَرُورَاتٍ، فِي ضِيقَاتٍ، فِي ضَرَبَاتٍ، فِي سُجُونٍ، فِي اضْطِرَابَاتٍ، فِي أَتْعَابٍ، فِي أَسْهَارٍ، فِي أَصْوَامٍ، فِي طَهَارَةٍ، فِي عِلْمٍ، فِي أَنَاةٍ، فِي لُطْفٍ، فِي الرُّوحِ الْقُدُسِ، فِي مَحَبَّةٍ بِلاَ رِيَاءٍ، فِي كَلاَمِ الْحَقِّ، فِي قُوَّةِ اللهِ بِسِلاَحِ الْبِرِّ لِلْيَمِينِ وَلِلْيَسَار؛ بِمَجْدٍ وَهَوَانٍ، بِصِيتٍ رَدِيءٍ وَصِيتٍ حَسَنٍ. كَمُضِلِّينَ وَنَحْنُ صَادِقُونَ؛ كَمَجْهُولِينَ وَنَحْنُ مَعْرُوفُونَ، كَمَائِتِينَ وَهَا نَحْنُ نَحْيَا، كَمُؤَدَّبِينَ وَنَحْنُ غَيْرُ مَقْتُولِينَ؛ كَحَزَانَى وَنَحْنُ دَائِمًا فَرِحُونَ، كَفُقَرَاءَ وَنَحْنُ نُغْنِي كَثِيرِينَ، كَأَنْ لاَ شَيْءَ لَنَا وَنَحْنُ نَمْلِكُ كُلَّ شَيْ؟.؛
( 2 كو 6 : 4 – 10 )؛
2 – فالرياء هو الخبث والمكر والتجريب لله ذاته: ففى تقديم الانجيليين لهذه المؤمراة, يقول متى الرسول: " فَعَلِمَ يَسُوعُ خُبْثَهُمْ وَقَالَ: «لِمَاذَا تُجَرِّبُونَنِي يَا مُرَاؤُونَ؟ " (مت 22 : 18), بينما قال القديس لوقا: " فَشَعَرَ بِمَكْرِهِمْ وَقَالَ لَهُمْ: لِمَاذَا تُجَرِّبُونَنِي؟" (لو 20 : 23), واختصر القديس مرقس كل ذلك فى قوله: " فَعَلِمَ رِيَاءَهُمْ، وَقَالَ لَهُمْ: «لِمَاذَا تُجَرِّبُونَنِي؟ " (مر 12 : 15), وهنا الانجيليين الثلاثة يؤكدون لنا ان الرياء هو اسلوب ابناء بليعال: " الْمُمْتَلِئُين كُلَّ غِشٍّ وَكُلَّ خُبْثٍ! ابْنَاء إِبْلِيسَ! أعَدُاء كُلِّ بِرّ! المفْسِدينُ لسُبُلَ اللهِ الْمُسْتَقِيمَةَ؟" (أع 13 : 10 ), الذين يحولون شق صف ابناء الله ووحدتهم ومحبتهم لفاديهم وبأى وسيله, وهاهم هنا اتوا للرب نفسه ليجربوه بمكرهم وخبثهم, وكما سبق ان جربه ابوهم ابليس (مت 4 : 1 , لو 4 : 2 ), فقد كان الكثيرين قد اثمرت تعاليمه فيهم واعترفوا به كنبى بل والكثيرين اعتبروه المسيا المنتظر ومخلصهم من الاستعباد السياسى للرومان: ( مت 14 : 5 , 21 : 11, مر8 : 28 , 11 : 32 , لو 7 : 26 , 9 : 19 .....), ولو أجاب المسيح بأن نعطي الجزية لقيصر, يستطيع الفريسيون حينئذ أن يبرهنوا من النبوات على أنه مُضل مادام ليس له صفات المسيا المخلص المنتظر, ولانفضت الجموع عنه وماعادوا يعترفون به كنبى ولا مخلص خاصة ان هناك تهمة سبق توجيهها اليه من الفريسيين بانه محب للعشارين والخطاة, وهناك الغيورين – البلطجية حملة السكاكين المخفية فى طيات ثيابهم كما وصفهم المؤرخ يوسيفيوس اليهودى – سيتكفلون بقتله غدرا كنبى كاذب, ولو قال لا تعطوا, لأعتُبِرَ مثير فتنة ضد قيصر, وهى تهمة عقوبتها الاعدام دون اى تدخل او معارضه من المجمع, وكما افتروا عليه كلهم بنفس التهمة زورا فيما بعد (لو 1:23، 5 , يو 12:19)؛
أ - وقال الرب: " أرُونِي مُعَامَلَةَ الْجِزْيَةِ اى اِيتُونِي بِدِينَارٍ لأَنْظُرَهُ " ( مت 22 : 19 , مر 12 : 15 ), فقدموا له من جيب احدهم دينار قيصر الذى يتعاملون به مع بعضهم البعض ومع الاخرين داخل وخارج اليهودية, ولأنها تحمل صورة قيصر فهى رمزا للعبودية والخضوع لغير الله فى تعاليم كتبتهم وربانيهم, والدينار يرمز لقوة الإمبراطور قيصر المعبود من الرومان كاله، الأمر الذي يعتبرونه تجديفاً, ولذلك فالعملة الرومانية نجسة ولا تُقبل داخل الهيكل ويجب استبدالها بنقود يهودية لسداد العشور وثمن الذبائح، وهنا كشف المسيح اصل الرياء فى تعليمهم اى الفصل بين الله والناس او التفرقة بين الهيكل والحياة, فالجدير بالذكر هنا ان هذه الجزية كانت فرضا على كل نفس وتسدد للدولة نظير إعفائهم من الانخراط فى الجندية الرومانية لرفض اليهود ذلك من دون الشعوب والاقاليم المكونة للامبراطورية الرومانية كافة طبقا لطلب رؤساء اليهود انفسهم, كذلك مضافا اليها الضرائب المقررة على كل الاقاليم نظير الحماية والرعاية والخدمات والثقافة والادارة والاتصالات والطرق التى كانت تقدمها وبرعت فيها الامبراطورية الرومانية , واللفظ اليونانى (kēnsos )المترجم للعربية جزيه يعنى (tribute ) ليس فيه إذلال او تحقير او حتى استعلاء اذ يعنى ( ضريبة – تقدمة – تقدير = إجلال ), والجدير بالذكر أيضا انهم بعد موت الرب وقيامته بقليل, ثاروا على بيلاطس ( 36 م ), لمجرد انه فكر فى استخدام بعض اموال الهيكل لاستكمال مشروع نقل مياة الشرب من برك سلوام اللى اورشليم عبر قنوات لرفع مستوى معيشتهم عندما لم تكفى اموال الضرائب المخصصة لانماء اليهودية, وتسببوا فى محاكمته ونفيه لذلك فيما بعد ( 36 م ), كان هذا للايضاح معنى الجزية الرومانية على اليهود باختصار, اى ان الجزية صدرت بقانون, وشتان بين مفهوم الجزية الاسلامى: ومابه من تحقير وإذلال لمن يخالفونهم فى الدين اصحاب البلاد الاصليين: { وهم صاغرون! = فالجزية الاسلامية فى معناها البسيط: هو جزاء الكافر غيرهم, عن كفره فرضته الشريعة الإسلامية على أهل الذمة بدفع الجزية عقاباً لهم ومضايقة وإضهاداً لعدم اعتناقهم الإسلام }, ولنا رجعة انشاء الرب وعشنا لهذا الامر فى بحث قادم؛
ب – " أَعْطُوا إِذاً مَا لِقَيْصَرَ لِقَيْصَرَ وَمَا لِلّٰهِ لِلّٰهِ", ستظل اجابة اقنوم الحكمة المتجسد الازلى نبراسا لكل مؤمن تتجلى فيها كل حكمته الالهية ونور تعاليمه السامية, فالرب هنا قدم حق قيصر او الدولة على حق الهيكل لان الكل لله, أى نخضع لكل السلاطين المرتبه: " لأن ليس سلطان إلا من الله والسلاطين الكائنة هي مرتبة من الله. حتى أن من يقاوم السلطان يقاوم ترتيب الله والمقاومون سيأخذون لأنفسهم دينونة. ..... فإنكم لأجل هذا توفون الجزية أيضا إذ هم خدام الله مواظبون على ذلك بعينه. فأعطوا الجميع حقوقهم، الجزية لمن له الجزية، الجباية لمن له الجباية، والخوف لمن له الخوف، والإكرام لمن له الإكرام (رو 13 : 1 – 7 قابل 1 بط 2 : 13 , 14), والخضوع هنا خضوع للقوانين والواجبات فيما لا يخالف تعاليم الله فعندئذ يتحتم على المؤمن أن يطيع الله أكثر من الناس (أع 5 : 29), كما لا يعنى مطلقا الخنوع للظلم وفتاوى القهر وجزية الاذلال واغتياب الحقوق وقوانين الاستعلاء, لاننا من الله الحق ونحن ذريته احرار, وهذا ما اوضحه الروح القدس على لسان القديس بولس فى خطبته للأَثِينِيُّينَ:
" إِذْ هُوَ رَبُّ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ، لاَ يَسْكُنُ فِي هَيَاكِلَ مَصْنُوعَةٍ بِالأَيَادِي؛ وَلاَ يُخْدَمُ بِأَيَادِي النَّاسِ كَأَنَّهُ مُحْتَاجٌ إِلَى شَيْءٍ، إِذْ هُوَ يُعْطِي الْجَمِيعَ حَيَاةً وَنَفْسًا وَكُلَّ شَيْءٍ؛ وَصَنَعَ مِنْ دَمٍ وَاحِدٍ كُلَّ أُمَّةٍ مِنَ النَّاسِ يَسْكُنُونَ عَلَى كُلِّ وَجْهِ الأَرْضِ، وَحَتَمَ بِالأَوْقَاتِ الْمُعَيَّنَةِ وَبِحُدُودِ مَسْكَنِهِمْ؛ لِكَيْ يَطْلُبُوا اللهَ لَعَلَّهُمْ يَتَلَمَّسُونَهُ فَيَجِدُوهُ، مَعَ أَنَّهُ عَنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنَّا لَيْسَ بَعِيدًا؛ لأَنَّنَا بِهِ نَحْيَا وَنَتَحَرَّكُ وَنُوجَدُ. كَمَا قَالَ بَعْضُ شُعَرَائِكُمْ أَيْضًا: لأَنَّنَا أَيْضًا ذُرِّيَّتُهُ؛ فَإِذْ نَحْنُ ذُرِّيَّةُ اللهِ، لاَ يَنْبَغِي أَنْ نَظُنَّ أَنَّ اللاَّهُوتَ شَبِيهٌ بِذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ أَوْ حَجَرِ نَقْشِ صِنَاعَةِ وَاخْتِرَاعِ إِنْسَانٍ؛ فَاللهُ الآنَ يَأْمُرُ جَمِيعَ النَّاسِ فِي كُلِّ مَكَانٍ أَنْ يَتُوبُوا، مُتَغَاضِيًا عَنْ أَزْمِنَةِ الْجَهْلِ"؛
(أع 17 : 24 – 30 )؛
==========================
نتابع ذلك فى الجزء الثانى عشر بمعونة الرب
ولربنا كل المجد. آمين
| |
|